ماشية لجهنم

تتلقى نجاة خبراً صادماً بأن أيامها باتت معدودة، فتبدأ التخطيط بطريقة غريبة لوفاتها، بحيث لا يصدق أحد طلباتها لإتمام مراسم جنازتها.

شارك

قصة ماشية لجهنم

يروي فيلم "ماشية لجهنم" قصة نجاة، وهي امرأة متمردة على قيود مجتمعها المحافظ، تواجه حقيقة موتها الوشيك بدلاً من الاستسلام للحزن، فتقرر العودة من فرنسا إلى بلدها وعيش ما تبقى من حياتها بشروطها الخاصة، رافضةً الخضوع لتقاليد مجتمعها في الحياة والموت. يسلط الفيلم الضوء على مفهوم التضحية، حيث تضحي نجاة بانتمائها لعائلتها ومجتمعها التونسي المحافظ من أجل الزواج من رجل فرنسي لا يشبهها لغة وديناً وعرقاً فتواجه نجاة الوصمة والاتهامات من العائلة، لكنها تصبح قدوة لأخيها الذي يتبعها في تمرده.

في مواجهة حقيقة الموت المُحتم، تختار نجاة طريقًا مُختلفًا، طريقًا يُعيد تعريف مفهوم الموت، بعد أن يُخبرها طبيبها بأنه لا أمل لشفائها وأن نهايتها باتت وشيكة، وذلك بعد أن انتشر المرض في كامل جسدها، تُصرّ نجاة على اختيار طريقة موتها رافضةً الخضوع للدفن التقليدي، بل تختار إلقاء جسدها في البحر رمزًا لحبها للحرية والانطلاق، وتُبرر نجاة طلبها ذلك بأنها تعشق البحر منذ الطفولة، وتحلم بأن تكون "عروس بحر"، كما ترغب بوضعها في صندوق أزرق بلون السماء، ومعها عطرها المفضل، وأن يلبسوها ذيل عروس البحر، وأن تُرمى في عمق الماء. يُثير طلب نجاة جدلاً واسعًا داخل عائلتها وحتى بين أصدقائها الأكثر تحرراً، يواجه البعض رغبتها بالرفض والغضب، بينما يُحاول آخرون فهم دوافعها ودعمها في قرارها. كذلك أيضاً يسلّط الفيلم الضوء على مفهوم الحرية وحق الفرد في اختيار مصيره، حتى في مسألة الموت. فيطرح الفيلم تساؤلات وجودية حول التصور الديني للموت والرؤية المجتمعية له، وتساؤلات جوهرية حول قدرة الإنسان على التحكم في مصيره بعد الموت، فهل يمكن للإنسان حقاً أن يصنع لنفسه قبرًا يختاره؟ وهل للمجتمع الحقّ في فرض عاداته وتقاليده على الفرد في مسألة الموت؟ وما هي حدود الحرية الشخصية في مواجهة قواعد الدين والمجتمع؟


يتخطى فيلم "ماشية لجهنم" حدود الأعراف والعادات والتقاليد في مجتمع يرفض مجرد التفكير في خيارات ما بعد الموت. وتُجسّد نجاة رمزًا للمرأة المتمردة على المألوف التي تسعى إلى كسر قيود المجتمع وتحقيق أحلامها، حيث تصرّ على اختيار طريقة موتها، رافضةً الخضوع للدفن التقليدي. يُقدم الفيلم رحلة فلسفية مُثيرة للتفكير، مُتحديًا الأفكار التقليدية حول الموت، وداعيًا إلى احترام رغبات الفرد في اختيار مصيره بعد رحيله. فتُقام جنازة نجاة احتفالية بأنغام موسيقى "المالوف" الأندلسية، وبلباسٍ تغلب عليه الألوان الزاهية، مُؤكدةً على تمردها على الأعراف ورفضها للخضوع للتقاليد. حيث تُقدم رحلتها درسًا في الحرية وحق الفرد في اختيار مصيره، حتى في مسألة الموت.